ما هو فحص الإكسوم وفحص الجينوم
يشكل تحديد كل التغيرات الجينية المسببة للأمراض الوراثية تحديًا كبيرًا للأطباء والمرضى، وخاصةً الأمراض الوراثية النادرة أو صعبة التشخيص التي قد يتطلب تشخيصها سنوات طويلة بتقنيات الفحص التقليدية مما يؤدي إلى تأخر حالة المريض فضلاً عن تكلفتها المرتفعة.
ولكن مع التطورات المستمرة في مجال طب الوراثة، ظهر ما يعرف بتقنيات تسلسل الجيل التالي (Next generation sequencing) لتسريع عملية تحديد كل الطفرات أو التغيرات الجينية في عدة أيام فقط وبأقل تكلفة ممكنة لتكون هي أقوى أداة في عصر الطب الشخصي الدقيق (precision medicine).
سنتعرف في هذه المقالة على أبرز وأهم أداتين في تقنيات تسلسل الجيل التالي والأكثر استخدامًا في مجال الرعاية الصحية والأبحاث العلمية وهما: التسلسل الكامل للإكسوم أو فحص الإكسوم (Whole exome sequencing) والتسلسل الكامل للجينوم (Whole genome sequencing) والفرق بينهما.
ما هو فحص الإكسوم؟
يتكون الحمض النووي (DNA) أو الجينوم البشري من 180.000 قطعة صغيرة تسمى الإكسونات مسؤولة عن توجيه الجسم لإنتاج البروتينات اللازمة لصحته، مثل هيموجلوبين الدم. تتجمع هذه الإكسونات معًا مكونة تسلسلات تسمى بالإكسوم وتشكل 1% فقط من إجمالي الجينوم البشري (20.000 جين تقريبًا).
يعمل فحص الإكسوم (Whole exome sequencing) على الكشف عن التغيرات المحتملة في تسلسلات الإكسوم، والتي قد تؤدي للإصابة بأكثر من 7000 مرض من الأمراض الوراثية، منها:
1. العيوب الخلقية
2. مشاكل النمو وصعوبات التعلم
3. التوحد
4. الاضطرابات المندلية (التي تحدث نتيجة طفرة في جين معين)، مثل أنيميا الدم المنجلية، والهيموفيليا، والصمم، والعمى، وغيرها
5. السمنة الوراثية
6. ضمور العضلات، مثل مرض دوشين
7. الأمراض الاستقلابية الوراثية، مثل: فرط كوليسترول الدم، ومرض نيمان بيك، وغيرها
8. السرطان، مثل سرطان القولون والمستقيم، وسرطان المبيض، وغيرها
ما مميزات فحص الإكسوم؟
1. يساعد فحص الإكسوم الأزواج أو المقبلين على الزواج في معرفة ما إذا كانوا حاملين لطفرات وراثية قد تؤدي لظهور أمراض وراثية بأطفالهم في المستقبل.
2. الكشف عن الطفرات الجينية في وقت أسرع وبتكلفة أقل.
ما عيوب فحص الإكسوم؟
رغم فعالية فحص الإكسوم في تشخيص الأمراض بسرعة أكبر وبتكلفة أقل، إلا أن من أبرز عيوبه أنه لا يشمل فحص كل الجينوم البشري، وبالتالي لا يغطي كل التغيرات الحادثة في الجينات والتي قد تؤدي لأمراض وراثية أخرى.
ما هو فحص الجينوم؟
يغطي فحص الإكسوم، كما ذكرنا التغيرات الحادثة في 1% فقط من الجينوم البشري أو الحمض النووي (DNA)، أي أنه لا يشمل كل التغيرات التي قد تحدث بالجينوم البشري. لذلك ظهرت الحاجة إلى فحص جديد يغطي كل التغيرات التي قد تحدث بالحمض النووي (DNA) بأكمله وهو فحص الجينوم (Whole genome sequencing).
يعتبر فحص الجينوم من أكثر تقنيات تسلسل الجيل التالي (NGS) شمولاً، حيث يفحص كل مناطق الحمض النووي (DNA) المكونة من 3 بليون حرف جيني، موفرًا بذلك قاعدة بيانات ضخمة تمكننا من معرفة 7500 مرض من الأمراض الوراثية، بالإضافة إلى المساعدة في تشخيص الأمراض غير المعروفة وصعبة التشخيص. لكن تكلفته مرتفعة مقارنةً بفحص الإكسوم (Whole exome sequencing).
من الأمراض الوراثية التي يكشف عنها فحص الجينوم، على سبيل المثال لا الحصر:
1. جميع أنواع السرطان، مثل سرطان الدم، وسرطان البنكرياس، وسرطان العظام (الساركوما)، وسرطان الثدي، وغيرها
2. أمراض القلب الوراثية
3. أمراض المناعة الذاتي، مثل السكري، والتصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وغيرها
4. أمراض الكلى، مثل الفشل الكلوي
5. الأمراض العصبية، مثل الصرع، ومرض باركنسون، ومرض هنتغتون، والخرف، وغيرها
6. الأمراض النادرة وغير المعروفة
بالإضافة إلى الأمراض الوراثية التي يغطيها فحص الإكسوم (Whole exome sequencing)
ما مميزات فحص الجينوم؟
بالإضافة إلى إمكانية تشخيصه لكل الأمراض الوراثية المحتملة، بما في لك الأمراض مجهولة السبب عن طريق فحص الحمض النووي (DNA) بأكمله، يساعد أيضًا فحص الجينوم في:
1. تحديد حساسية الغذاء
أي معرفة الطعام المناسب لك وغير المناسب لك الذي قد يسبب لك حساسية وأمراض أخرى في المستقبل، مثل السمنة، والسكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، والسرطان، بناءً على تركيبتك الجينية.
2. تحديد العلاج المناسب للمرضى بناءً على تركيبتهم الجينية
قد تأخذ دواءً لعلاج الإنفلونزا ولا تشعر بالتحسن، بينما قد يحصل صديقك على نفس الدواء ويتحسن تمامًا عليه. السبب هنا هو اختلاف التركيبة الجينية لكلٍ منا، فقد تحصل على دواء لعلاج مرض معين ولا تتحسن عليه بل قد يؤدي لآثار جانبية ومضاعفات أخرى أيضًا، بينما يجدي نفعًا مع شخص آخر.
يوفر فحص الجينوم (Whole genome sequencing)، كما ذكرنا، قاعدة بيانات شاملة عن حمضك النووي (DNA) تساعد الأطباء في معرفة العلاج المناسب وغير المناسب بناءً على التركيبة الجينية للشخص، وخاصةً مرضى السرطان فقد يؤدي فحص الجينوم إلى تغيير خطة علاجهم تمامًا.
فمثلاً يُنصح بتجنب استخدام العلاج الإشعاعي مع المرضى الذين لديهم طفرة بجين TP53 التي قد تؤدي للإصابة بسرطان الدم، وسرطان الثدي، وغيرها؛ لأنه يزيد من احتمالية الإصابة بنوع إضافي من السرطان.
كذلك قد يجعل الطبيب يتجه إلى خيار العلاج الموجه للسرطان مع المريض (Targeted therapy for cancer) والذي يستهدف الجينات المسؤولة عن تطور وانتشار الخلايا السرطانية من خلال أدوية تؤخذ عن طريق الفم أو الوريد.
3. الحد من انتشار الأمراض المعدية
يساعد فحص الجينوم (Whole genome sequencing) أيضًا في الحد من انتشار الأمراض المعدية عن طريق معرفة التركيبة الجينية للفطريات والميكروبات المسببة للأمراض وكيفية مقاومتها للمضادات الحيوية، لتطوير علاجات أكثر فعالية.
ما عيوب فحص الجينوم؟
1. ارتفاع تكلفة الفحص من أبرز عيوب فحص الجينوم، حيث ترتفع تكلفته بمعدل 2-3 أضعاف مقارنةً بفحص الإكسوم.
2. يستغرق وقتًا أطول من فحص الإكسوم في التحليل، نظرًا لتغطيته للحمض النووي (DNA) بالكامل.
وختامًا، يتوقف اختيار الفحص الجيني الأنسب لك بناءً على حالتك الصحية وتوصيات الطبيب وأخصائي الوراثة. فلكل فحص جيني مميزاته وعيوبه في تشخيص الأمراض الوراثية لتحظى بصحة أفضل أنت وعائلتك.