Disabilities

اليوم العالمي لذوي الإعاقة | هل يمكن خفض نسب الإعاقات؟

قد نواجه تحديات صحية تغير مسار حياتنا تمامًا وتجعل كلٍ منا مميزًا عن الآخر في طريقة التعامل معها، ولعل من أبرز تلك التحديات "الإعاقات". يشير مصطلح "الإعاقة" بمفهومه المتعارف عليه إلى خلل ناتج عن مشاكل صحية أو عوامل بيئية يؤثر على عضو معين بالجسم، مثل الإعاقة الذهنية والإعاقة الحركية والإعاقات المؤثرة على النمو والإعاقات البصرية والسمعية.

يواجه نحو 16% تقريبًا على مستوى العالم نوع أو أكثر من تلك الإعاقات ومازالت النسبة في ازدياد وفقًا لأحدث إحصائيات منظمة الصحة العالمية والتي تعرضهم لاحتمالية حدوث مضاعفات ومشاكل صحية أخرى مثل السكري والسمنة فضلاً عن المشاكل النفسية مثل الاكتئاب بمقدار الضعف.

وعلى صعيدٍ آخر، نجد أن نسب الإعاقات الشديدة في المملكة العربية السعودية تبلغ 2.9% وتحتل الإعاقات البصرية المرتبة الأولى بنسبة 46.02% من إجمالي السكان بالسعودية ممن لديهم إعاقة واحدة، تليها الصعوبات الحركية بنسبة 29.13% من إجمالي السكان بالسعودية ممن لديهم أكثر من إعاقة. بينما يساهم زواج الأقارب من الدرجة الأولى في زيادة نسب الإعاقة بنحو 3.5%.


فما سبب الارتفاع المستمر في نسبة الإعاقات عالميًا وبمجتمعنا السعودي؟ وإلى أي مدى تساهم الجينات في حدوث الإعاقات؟ وهل يمكن اكتشافها والوقاية منها مبكرًا؟

سنعيد في هذا المقال صياغة مفهوم الإعاقة من منظور علم الوراثة ونسلط الضوء على أهمية الفحص الجيني في اكتشاف العوامل الوراثية المسببة للإعاقات ومدى تأثير ذلك في تغيير حياة الأفراد والعائلات.


الإعاقات والجينات

تلعب العوامل الوراثية دورًا كبيرًا في بعض الإعاقات ومنها:


اضطرابات تطور النمو العصبي (NDD)

تؤثر اضطرابات تطور النمو العصبي على 15% تقريبًا من الأطفال والبالغين على مستوى العالم، وهي عبارة عن اضطرابات مؤثرة على كفاءة الدماغ والجهاز العصبي وتشمل:

اضطرابات طيف التوحد

 تزيد العوامل الوراثية من فرص إنجاب طفل مصاب بالتوحد بنسبة 40-80%، مثل وجود أقارب مصابين بالتوحد أو متلازمة داون أو متلازمة الكروموسوم إكس الهش.

تزداد أيضًا احتمالية إنجاب طفل آخر مصاب بالتوحد بنسبة 10-20%، ويعتبر الذكور أكثر عرضة للإصابة بالتوحد عن الإناث بمعدل 4 أضعاف. أما إذا كان المولود توأم سيامي (التوأم الملتصق) فتزداد احتمالية الإصابة بالتوحد إلى 59%.

وعلى مستوى الأقارب، تختلف احتمالية تكرار الإصابة بالتوحد باختلاف درجة القرابة كالتالي:

- تزداد احتمالية إصابة ابن/ابنة العم بالتوحد بمعدل 3%

- تزداد احتمالية إصابة الأخوة غير الأشقاء من جهة الأب بمعدل 7%، و9% للأخوة غير الأشقاء من جهة الأم.

- تزداد احتمالية إصابة الأخوة الأشقاء بمعدل 19%

الإعاقات الذهنية

 تزيد العوامل الوراثية من فرص حدوث الإعاقات الذهنية بنسبة أكثر من 80% ومن أمثلتها، متلازمة داون ومتلازمة الكروموسوم إكس الهش وغيرها.

الصرع

 تساهم العوامل الوراثية في نحو 70% من حالات الصرع وتزداد فرص تكرار الإصابة بالصرع في حالة وجود أبوين مصابين به بمعدل 2-10 أضعاف. كما تزيد بعض المتلازمات الوراثية من فرص حدوث الصرع، مثل متلازمة الكرموسوم إكس الهش ومتلازمة ريت والتصلب الحدبي. بالإضافة إلى ذلك، اكتشف الباحثون 84 جينًا حتى الآن ذات صلة بالصرع و73 جينًا مرتبطة بحدوث تشوهات الدماغ وقد تكون لها دور في الإصابة بالصرع أيضًا. ومن أمثلة تلك الجينات: جين SCN1A وجين TSC1 و TSC2


الإعاقات السمعية

تتسبب العوامل الوراثية في نحو 50-60% من حالات الصمم لدى الأطفال، ولكن تجدر الإشارة إلى أن 30% من التغيرات الوراثية المسببة للصمم ناتجة عن متلازمات وراثية تزيد من فرص الإصابة بالصمم و70% من تلك التغيرات غير مرتبطة بأي متلازمات وراثية.

اكتشف الباحثون حتى الآن أكثر من 70 جينًا يزيد من فرص إصابة الأطفال بالصمم حتى إن كان كلا الأبوين سليم. ومن أبرز تلك الجينات:

  • جينات BDP1 و CDH23و EPS8L2 و GJB2 المسؤول عن إنتاج البروتين لتكوين قوقعة الأذن و LOXHD1 و MYO7A و PCDH15 و SLC26A4

الإعاقات البصرية


يساهم أكثر من 260 جينًا في الإصابة بالعمى وأمراض الشبكية الوراثية، منها جينات ACP6 و AMOT و ARHGEF10L و ATP6V1A و DCAF6 و DLG4 و GABRB2 و GRIN1 و GRIN2B و KCNQ3 و KCTD19 و RERE و SLC1A1


تزداد أيضًا فرص الإصابة بمتلازمات وراثية مسببة لفقدان الرؤية نتيجة وجود أقارب مصابين، ومن أمثلة تلك الأمراض المؤثرة على البصر:

التنكس البقعي المرتبط بالعمر (AMD)

 وهو مرض يؤثر على مركز الرؤية المركزية في شبكية العين ويسمى باسم "البقعة" (Macula) مسببًا فقدانًا تامًا للرؤية في عمر 50 فما فوق. ترجع مسببات حالة التنكس البقعي في 15-20% من الحالات إلى وجود قريب أو أكثر من أقارب الدرجة الأولى (الأبوين أو الأخوة) بهذه الحالة.

الجلوكوما

 تنتج الجلوكوما عن تلف العصب البصري المتصل بالدماغ، مما يؤدي إلى فقدان البصر. يتم تشخيص الجلوكوما عادةً في مراحل متأخرة ويرجح أن أكثر من 50% من حالات الجلوكوما غير المشخصة تعود لأسباب وراثية.

إعتام عدسة العين

 وهي حالة تؤثر على عدسة العين مسببةً ضبابية الرؤية وتشوشها وحساسية تجاه الإضاءة الشديدة وضعف في الرؤية ليلاً، وقد تنتج مضاعفات أخرى إذا تركت دون علاج. يعود سبب إصابة خمس حالات إعتام عدسة العين إلى وجود أقارب مصابين بهذه الحالة، كما يمكن أن تساهم بعض المتلازمات الوراثية أيضًا من زيادة فرص الإصابة بحالة إعتام عدسة العين، مثل متلازمة داون.

أهمية الفحص الجيني في تشخيص الإعاقات

تتمثل أهمية الفحص الجيني في تشخيص الإعاقات من خلال:

التشخيص المبكر

يساعد الفحص الجيني في تحديد الأسباب الوراثية المسببة للإعاقات مبكرًا من خلال الفحوصات الجينية قبل الزواج والحمل وفحص NIPT والفحوصات الجينية بعد الولادة لتقديم التوصيات اللازمة وتشخيص الحالات المستعصية مبكرًا بدقة لتوفير الرعاية اللازمة.

التخطيط لأسرة صحية

يساعد الفحص الجيني المقبلين على الزواج والمتزوجين على اكتشاف التغيرات الوراثية التي قد تسبب إعاقات لأطفالهم مستقبلاً مثل الصمم الوراثي والعمى الوراثي وصعوبات التعلم وغيرها، لتقديم التوصيات اللازمة والخيارات المتاحة من أجل الإنجاب.

تطوير علاجات جديدة 

ساهم العلاج الجيني بفضل الفحص الجيني في تطوير علاج جديد للعمى الوراثي معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية يقوم على إدخال نسخة من جين RPE65 إلى عين المريض من خلال أحد الناقلات الفيروسية لاستعادة كفاءة العين.

اكتشاف جينات جديدة مسببة للإعاقات

يساهم الفحص الجيني في اكتشاف المزيد من الجينات المسببة للإعاقات لضمان دقة التشخيص وتطوير العلاجات المناسبة.

تساعد الاستشارة الوراثية الأفراد والعائلات في ترشيح الفحص الجيني المناسب وفقًا للحالة الصحية وتاريخ الأمراض الوراثية بالعائلة وتقديم الدعم اللازم.


يوفر مركز إنيجما الطب الجيني خدمة الاستشارة الوراثية عن بُعد وفحوصات جينية شاملة للحد من انتشار الأمراض الوراثية وتوفير حياة أفضل للأفراد والعائلات.

العودة إلى المدونة

اترك تعليقا

يرجى ملاحظة أن التعليقات تحتاج إلى الموافقة قبل نشرها.