Gene therapy and CRISPR-Cas9

ما هو العلاج الجيني وأهميته في علاج الأمراض الوراثية

تعتبر تقنية العلاج الجيني إحدى أبرز التقنيات الطبية الحديثة في علاج الأمراض الوراثية غير القابلة للعلاج، حيث أثبتت فعاليتها في علاج بعض أنواع السرطان وأمراض القلب والسكري وبعض أمراض الدم الوراثية مثل الهيموفيليا وفقر الدم المنجلي.

ومازال الباحثون يستكشفون إمكانيات العلاج الجيني لابتكار تقنيات أكثر يمكن استخدامها في علاج المزيد من الأمراض الوراثية ومن أهم هذه التقنيات تقنية كريسبر الواعدة.

سنسلط الضوء في هذا المقال على مفهوم العلاج الجيني وأنواعه وكيف غيّرت تقنية كريسبر طرق علاج بعض الأمراض الوراثية.

ما هو العلاج الجيني؟

تعتمد فكرة العلاج الجيني على علاج مرض معين ناتج عن خلل بالحمض النووي بطرق مختلفة منها:

- إضافة نسخة جديدة من الجين التالف.

- استبدال الجين المسبب للمرض بجين جديد في الخلايا المناعية لتعزيز مقاومتها للمرض.

- تعطيل الجينات المسببة للمرض.       

ويتوقف اختيار الطريقة المناسبة على نوع الخلل الموجود بالحمض النووي ومدى تأثيره على الصحة.

تقنيات العلاج الجيني

يسمى العلاج الجيني أيضًا بمصطلح التعديل الجيني، ومن أبرز تقنياته تقنية كريسبر  CRISPR-Cas9 والتي تقوم على قطع الجزء غير المرغوب فيه من الحمض النووي باستخدام بروتين كاس 9 ونسخة من الحمض النووي الريبوزي RNA المطابقة للجزء غير المرغوب فيه من الحمض النووي واستبداله بجزء آخر سليم ليقوم الحمض النووي بإصلاح نفسه تلقائيًا بهذا الجزء الجديد.

بعد إتمام هذه العملية، يُضاف الحمض النووي السليم إلى عينة الخلايا المأخوذة من المريض من أجل تعديل كفاءتها ثم يتم حقن تلك الخلايا بالمريض للعلاج. 

أحدثت تقنية كريسبر طفرة في مجال التعديل الجيني، حيث ساهمت تقنية كريسبر في إيجاد طرق علاجية حديثة لبعض الأمراض الوراثية المنتشرة عالميًا، مثل فقر الدم المنجلي ومتلازمة تاي ساكس وبعض حالات العمى، غيرها.

يمكن استخدام تقنية كريسبر أيضًا في زيادة الإنتاج الزراعي من خلال تعديل الحمض النووي للمحاصيل الزراعية ومازالت الأبحاث مستمرة لتوسيع نطاق استخدام تقنية كريسبر وزيادة فعاليتها.

العلاج الجيني والأمراض الوراثية

نجح العلاج الجيني في علاج بعض الأمراض الوراثية المستعصية والمنتشرة حول العالم، ومازالت تجرى المزيد من التجارب من أجل زيادة فعاليته في علاج المزيد من الأمراض الوراثية، من أمثلة الأمراض الوراثية التي أثبت العلاج الجيني فعاليته فيها باستخدام تقنية كريسبر:

أنيميا الدم المنجلية

تصيب أنيميا الدم المنجلية نحو 20 مليون شخص عالميًا وكان الخيار المتاح للتحكم في مضاعفاتها حتى وقت قريب هو زراعة نخاع العظم من متبرع مطابق لنخاع العظم للمريض.

ولكن مؤخرًا، قدّم العلاج الجيني حلاً واعدًا لعلاج فقر الدم المنجلي نهائيًا باستخدام تقنية كريسبر لتعديل الجينات المسؤولة عن أنيميا الدم المنجلية في الخلايا الجذعية لكرات الدم الحمراء واستبدالها بجينات سليمة ثم يتم حقنها بالمريض، مما أدى إلى استعادة كفاءة خلايا الدم الحمراء في إنتاج الهيموجلوبين الجنيني fetal hemoglobin (وهو بروتين به كمية كبيرة من الأكسجين يحل محل الهيموجلوبين المتضرر) بإحدى الحالات في الولايات المتحدة.

السرطان

ساعدت بعض أنواع العلاج الجيني في علاج أنواع من السرطان، مثل سرطان الدم (اللوكيميا). تتمثل تقنيات العلاج الجيني للسرطان في:

 

  1. استهداف الخلايا السرطانية، من خلال تعديل الخلايا المناعية للمريض للتعرف على الخلايا السرطانية والقضاء عليها.

  2. إضافة جينات مقاومة للسرطان، تحدث بعض أنواع السرطان نتيجة طفرة أو خلل في الجينات المسؤولة عن منع نمو الخلايا السرطانية وانتشارها. يمكن من خلال العلاج الجيني إضافة نسخ سليمة من تلك الجينات بالخلايا السرطانية لتستعيد قدرتها والحد من انتشار السرطان.

  3. التغلب على مقاومة الخلايا السرطانية للأدوية، بعض أنواع السرطان طورت مقاومة لعلاجات السرطان المعتادة مثل العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي. يمكن من خلال العلاج الجيني إضافة جينات تحسن من استجابة الخلايا السرطانية للعلاج وتزيد من فرص الشفاء.

  4. الحد من تكرار الإصابة بالسرطان، من خلال استخدام العلاج الجيني في استهداف الخلايا السرطانية المتبقية لمنع عودته مرة أخرى.

ساهمت تقنية كريسبر أيضًا في تقدم أبحاث السرطان وإيجاد علاجات جديدة له، ومنها على سبيل المثال، تجربة وتطوير أحد العلاجات المناعية للسرطان يهدف إلى تعديل الخلايا التائية المسؤولة عن القضاء على السرطان لتكون أول تجربة علاج سرطان باستخدام تقنية كريسبر.

تحديات العلاج الجيني

تتعدد مزايا العلاج الجيني وتطبيقاته في العديد من المجالات مثل الطب والزراعة، وغيرها من المجالات، ولكن هناك بعض المضاعفات المحتملة الناتجة عن طريقة استخدامه.

يستخدم الباحثون ناقلات فيروسية لاستبدال الجين المسبب للمرض بالخلايا بالجين السليم، مما يؤدي إلى:

اضطراب الاستجابة المناعية للجسم

قد يحدد الجهاز المناعي بالجسم هذه النواقل الفيروسية كخطر وبالتالي يقوم باستهدافها، مما قد يتسبب في حدوث التهابات وقد تصل إلى تلف بعض الأعضاء.

استهداف الخلايا الخاطئة

قد تستهدف النواقل الفيروسية الخلايا السليمة أيضًا عن طريق الخطأ نتيجة لقدرة الفيروسات على التعامل مع أكثر من نوع من أنواع الخلايا، مما يتسبب في الإصابة بأمراض أخرى.

الإصابة بالعدوى

قد يستعيد الفيروس قدرته على التسبب بالمرض، مما يؤدي إلى الإصابة بأنواع مختلفة من العدوى.

الفحص الجيني والعلاج الجيني

يكشف الفحص الجيني عن التغيرات المسببة للمرض بالحمض النووي، وتسمى الطفرات، للمساعدة في تشخيص الأمراض أو تحديد احتمالية الإصابة بمرض معين مثل السرطان. تساعد الاستشارة الوراثية قبل وبعد الفحص في ترشيح الفحص الجيني المناسب لك بناءً على تاريخك مع الأمراض الوراثية وتوضيح نتائج الفحص لإعطائك التوصيات اللازمة بالوقاية أو العلاج المناسب.

بينما يهدف العلاج الجيني لعلاج هذه التغيرات في الحمض النووي بطرق متعددة يتوقف اختيار الطريقة المناسبة على نوع التغيرات الموجودة بالحمض النووي.

وختامًا، الفحص الجيني والعلاج الجيني كلاهما يكمل بعضهما البعض. فمن خلال نتائج الفحص الجيني سنتمكن من تحسين فعالية العلاج الجيني والمساهمة في تقدم مجال الأبحاث الجينية من أجل تقليل انتشار الأمراض الوراثية وتحسين رفاهية مجتمعنا.

العودة إلى المدونة

اترك تعليقا

يرجى ملاحظة أن التعليقات تحتاج إلى الموافقة قبل نشرها.